«هندسة الخلايا».. تعيد الحياة لمرضى سرطان الدم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتبت : إيمان طعيمة

فى عام 2015 نجح العلماء فى إنقاذ طفلة من سرطان الدم بعد علاجها بجرعات من خلايا مناعية معدلة جينيا لتعيش حالة مستقرة بعد عام من علاجها، وتصبح بذلك ليلى ريتشاردز أول شخص فى العالم يحصل على العلاج بـ«هندسة الخلايا» الذى طورته شركة سيليكتس الفرنسية للتكنولوجيا الحيوية فى مستشفى جريت أورموند ستريت ببريطانيا، كماعولجت طفلة ثانية بعد ذلك بفترة قصيرة.


وخـــلال الأيـــام الماضيـــة نشـــرت صحيفة الإندبندنت البريطانية خبر شفاء فتاة تبلغ من العمر 13 عاما تدعى أليسا، وكانت تعانى أحد أمراض سرطان الدم الحاد، ولم تنجح معها جميع العلاجات الممكنة لمحاربة السرطان، فجرب الأطباء لها العلاج الكيماوى ثم زرع النخاع، لكن للأسف باءت جميع محاولاتهم بالفشل، لكن وسط هذه المحنة أراد القدر أن يمنحها بارقة أمل بعلاج جديد يعد الأول من نوعه فى العالم، وهو العلاج بهندسة الخلايا كما وصفه العلماء، وبالفعل خضعت الفتاة الإنجليزية كأول حالة للعلاج التجريبى بـ«الخلايا المعدلة»، داخل مستشفى «جريت أورموند» للأطفال.

 

وهى الآن شُفيت تماما من مرض اللوكيميا، وذلك بعد حقنها بخلايا مسبقة التعديل، حصل عليها الأطباء من متبرع يتمتع بصحة جيدة، ثم قاموا بتعديلها بوسائل تكنولوجية حديثة، جعلت هذه الخلايا تتمكن من ملاحقة وقتل جميع الخلايا السرطانية فى جسمها دون أن تهاجم بعضها البعض، وكأنها خلايا الدم البيضاء التى تتحرك حول الجسم لإيجاد الخلايا الدفاعية الضارة حتى تدميرها.


وقال الطبيب المعالج للطفلتين إنه على الرغم من استقرار حالتهما إلا أنه مازال يتعين التعامل مع هذه النتائج ببعض الحذر إذ لم يُعرف بعد ما إذا كانت هذه التقنية ستكون ناجحة فى علاج عدد أكبر من المرضى أم لا، خاصة أن العلاج بالخلايا كان لا يزال فى مراحله الأولية من التجارب السريرية.

 

قواعد الـDNA
وتحدث الدكتور أحمد البسطويسي، أستاذ طب الأورام بالمعهد القومى للأورام بجامعة القاهرة ورئيس المؤسسة المتخصصة للأورام، عن الفرق بين العلاج بخلايا الهندسة فى مراحله الأولية وعن ما توصلنا إليه الآن، موضحا أن العلاج بخلايا الهندسة يعرف بـ«قواعد الـDNA» ونحن نعتبره بمثابة حياة جديدة للمرضى، كونه طريقة علاج تعتمد على إعادة تكوين جينات الجسم إلى صورتها الطبيعية، فبمجرد تعديل هذه الجينات نجدها تقوم على الفور بتكوين بروتينات من نوع مختلف تؤدى وظائف مختلفة، وأثناء مراحل العلاج يتم تحديد خلايا الـDNA من داخل الجسم، ثم تؤخذ من متبرع سليم صحيا ليجرى عليها التعديلات المطلوبة داخل معامل طبية متخصصة، فتكون قادرة على مهاجمة الخلايا السرطانية بدون مهاجمة بعضها البعض.  

 

تطور التجارب الأولية
ويوضح البسطويسي: التجارب الأولية السابقة لهذا الإنجاز العلمى برغم نجاحها فى علاج المرضى منذ سنوات عديدة، إلا أنها لم تحقق السيطرة اللازمة فى التوجيه الصحيح للخلايا، مما أدى لقيام هذه الخلايا المعدلة بمهاجمة بعضها البعض وليس مهاجمة الخلايا السرطانية فقط، لكن فى التعديل والتقنية الحديثة استطاع العلم إدخال جينات جديدة داخل الخلايا المناعية، من ثم إعادة توجيهها بكفاءة حتى تتمكن من التعرف على الطفرات الموجودة فى الخلايا السرطانية للمرضى. وبالتالى عندما تحقن هذه الخلايا المناعية المعدلة جينيا فى المرضى، فإنها تذهب بشكل انتقائى إلى المنطقة السرطانية، وتتحول داخلهم إلى أقوى أنواع الخلايا المناعية والدفاعية فى مهاجمة الخلايا السرطانية لتلك المنطقة.


وأكد أن حالة الفتاة إليسا أعطت نتائج ضخمة ومبشرة لمرضى سرطان الدم الحاد لكنها لا تزال تحت التجربة الإكلينيكية.

 

الخلايا الجذعية
من جانبها، توضح الدكتورة رشا قنديل، مدرس الأعصاب والأمراض النادرة بكلية طب جامعة الجيزة الجديدة، عضو اللجنة العلمية لمشروع الجينوم المصري، مفهوم الخلايا الجذعية وكيفية استخدامها فى علاج مختلف الأمراض، حيث تقول إنها خلايا غير متخصصة لكن يمكن تطويعها إلى خلايا متخصصة تستخدم فى علاج جميع أعضاء الجسم، يتم الحصول عليها إما من النخاع الشوكى وإما من الحبل السرى عند الولادة، مشيرة إلى أن بعض العلماء فى الخارج يقومون بالحصول عليها من الجنين وهو فى الـ15 يوما الأولى من بداية تكوينه داخل الرحم، وهذا لأن هذه الخلايا الأولية وحدها فقط التى تستخدم فى إنشاء وتكوين الخلايا المختصة لعلاج كل أعضاء الجسم، وذلك عن طريق انقسامها وتغيير وظائفها ثم توجيه جيناتها الجديدة لإحداث شفرة مخصصة تنتج خلايا عضوية، كما يمتاز العلاج بهذه الخلايا الجذعية باعتماده على درجة تطابق الأنسجة بينه وبين المريض، وتزداد نسبة ارتفاع التطابق بين أقارب الدرجة الأولى، فتحد من احتمالية رفض الجسم للخلايا بعد الحقن.

 

وتوضح على هذه الخلفية الأطباء يهتمون الآن بزيادة التوعية لضرورة تخزين الخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السرى الخاص بالطفل عند الولادة، لأنه قد يكون الملجأ الوحيد لإنقاذ أحد أفراد الأسرة، كونه يحتوى على نوع من أهم أنواع الخلايا الجذعية المكونة للدم وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية ومنظمة الغذاء والدواء الأمريكية على أنها الطريقة الوحيدة حول العالم لعلاج جميع أمراض الدم.

 

اقرأ أيضا : «مكافحة الأورام» : التدخين وراء ثالث السرطانات شيوعا في مصر 

ترشيحاتنا